كل صلاة جمعة في رمضان؛ يحاول المصلون من الضفة الغربية شد الرحال والصلاة في المسجد الأقصى دون نتيجة تذكر. باتت صلاة الجمعة في باحات الأقصى أمنية لا تطال من قبل أهالي الضفة، ومستحيلة لأهالي غزة.
رويدا رويدا؛ يمارس الاحتلال سياسة الطرد والتهجير بحق المقدسيين وتفريغ المقدسات. ولا يختلف اثنان على أن المسجد الأقصى بات مكبلا بكل سلاسل وألوان الحزن؛ لمواصلة احتلاله، ولمنع رواده المصلين من الضفة الغربية من الصلاة فيه.
يتحسر أهالي الضفة وقطاع غزة على أيام زمان ويشتاقون لها؛ أيام كان المسجد الأقصى مفتوحا طوال العام للصلاة فيه دون حواجز أو عوائق أو تفصيلات وممنوعات وتقسيمات للأعمار فوق الخمسين وتحت الخمسين.
لذة العبادة، والنفحات الإيمانية في باحات المسجد الأقصى؛ باتت بحاجة لتصريح لها من قبل سلطات الاحتلال. الفلسطيني في الضفة الغربية صار بحاجة لتصريح في كل شيء، حتى لتسير أمور حياته اليومية، ولحاجاته الإنسانية العادية.
تذوق حلاوة الإيمان، والتنعم بهدوء النفس والروح في باحات المسجد الأقصى؛ بات أمنية وحلماً لا يتحقق، وأمر لا يطاله أكثر من مليار ونصف من المسلمين؛ برغم القوانين والمواثيق الدولية التي لا تجيز المس بحرية العبادة.
فلسطينيو ال48 – رغم محاولات "الأسرلة" والصهر- يشدون الرحال للأقصى ويحمونه ويفدونه بالروح والمال؛ وهذا ما يجعل أهالي القدس يشعرون بنوع من المؤازرة في رباطهم وحمايتهم للقدس، مما يغيظ الاحتلال ويملؤه قهرا.
يعتبر الصيام في شهر رمضان ناقصا وبحاجة لمسح الغبار عنه؛ ما لم يقدم المسلم شيئا لمدينة القدس وتعزيز صمود أهلها. أضعف الإيمان الدعاء بالصبر والثبات لأهالي القدس، وتسليط الأضواء على معاناتهم، من تهويد للمقدسات، وتهجير وطرد، وهدم للمنازل، وملاحقة حتى أطفالهم وسجنهم. يبكي المسجد الأقصى المبارك؛ لطول فترة أسره ل 45 عاما متواصلة، وتبكي معه مدينة القدس – أرض الإسراء والمعراج - لشدة مصابها في شهر رمضان، دون أن تجد من تصيبه الحرقة والغيرة لمصابها والاكتفاء بالفرجة.
مستوطنون يستبيحون المسجد الأقصى في شهر رمضان، دون أن تخرج ولو مظاهرة واحدة من ملايين المدن والقرى الإسلامية منددة بهذا التدنيس، والمس بأكثر الأماكن قدسية وطهارة لدى الأمة الإسلامية.
منظر عشرات آلاف المصلين يملئون باحات المسجد الأقصى، ويصطفون بسلاسة ورتابة ونظام دقيق؛ برغم توجيه مئات البنادق نحو صدروهم، يغيظ الاحتلال؛ بالمقابل فإن إغاظة الاحتلال وان كانت مطلوبة إلا أنها ليست كافية.
ما يريده المسجد الأقصى هو تخليصه من براثن الاحتلال، وعودة الروح الإسلامية له، وزيارته والصلاة فيه من دون تفتيش واهانة والحط من الكرامة.
القدس تريد من المليار ونصف مسلم وتناديهم؛ بأن يزورها دون ختم الاحتلال وتحت حرابه، فهل آن الأوان أن يستيقظ الأسد من نومه الطويل؟!